الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة من 2 ديسمبر إلى 15 جانفي بفضاء "غاية": أرخبيل الحبر لعماد جميّل: المتعة الخالصة

نشر في  03 ديسمبر 2018  (11:29)

يحتضن فضاء "غاية" للعرض بسيدي بوسعيد انطلاقا من 02 ديسمبر 2018 إلى 15 جانفي 2019 معرض الفنّان التشكيليّ التونسيّ عماد جميّل والذي عنونه "أرخبيل الحبر".

انطلقت بدايات فنّاننا التشكيليّ في اختصاص الحفر، لكنّه استبقى تلك التقنيات في انتقاله إلى الرسم منذ سنوات وبقيت أنامله تلتقط كلّ هامشيّ لتصنع منه أشكالا فريدة مشبعة بالمجازات. يتجوّل حبره المنثور ببراعة وبفوضويّة منظّمة وعالمة على القماشة البيضاء مشكّلا أرخبيلا من الجزر، قد تكون تلك الخطوط والأشكال تعقّبا لحشرة صغيرة أو متعة جولان طفل  وسط متاهة أو محاولة أحدهم جمع خيالات متناثرة داخل رأسه، لكنّ الأكيد أنّ تلك الزخارف تنوّمك مغناطيسيّا وتصطادك في حبائلها.

   

ستّة عشر عملا بين لوحات كبيرة ومتوسّطة الحجم، تقودك واحدة إلى أخرى، تشعر بالامتلاء من واحدة وتبتعد عنها إلى الأخرى حتّى تلتقط أنفاسك ثمّ تمتلئ مرّة أخرى. تغمرك تلك اللّوحات وتستمتع بغرق لذيذ وسط تنوّع ألوانه ليرميك موج الحبر الأسود إلى ضفّة أخرى وفكرة مغايرة. يتحوّل المشاهد من مجرّد عاشق للألوان إلى فنّان في فكّ الأحجيات المختبئة بين تلك الأشكال، وكأنك عالم آثار يستنطق النقائش المحفورة على حجارة إحدى حضارات المايا أو الانكا أو الفراعنة لاكتشاف أسرارهم الخفيّة.

كلّ حركة متفرّدة في رسم عماد جميّل، حتّى الفراغات الخالية من الحبر متحرّكة، وكأنّك أمام فنّان يرسم البياض وسط السواد وليس العكس. حركات قد تصدر أنغاما لا ألوانا، وكأنّه نشيد يعيد إلى الأذهان ملحمة بروموثيوس. لا تمتد سمعة وشهرة رسّام ما بين معاصريه أو إلى الأجيال القادمة إلاّ عبر ما تحفظه النقوش التي يتركها.

شوقي البرنوصي